Subscribe to updates

Sunday, November 2, 2008

إخلاء المستوطنين من حومش

إخلاء المستوطنين من حومش.. بين الخديعة والحقيقة
بقلم : سامي دغلس



كان شهر أيلول 2005 يوما تاريخيا في حياة سكان قرى برقة وبزاريا وسيلة الظهر والفندوقومية وجبع وحياة كل الشعب الفلسطيني من غزة إلى جنين ففي هذا الشهر تم تفكيك مستوطنات غزه وترحيل ساكنيها من المستوطنين المغتصبين الذين حولوا حياتنا إلى جحيم لا يطاق لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن ، أما في شمال الضفة الغربية فحصل هذا الإخلاء في موقعين إحداها كان مستوطنه صغيره أقيمت على أنقاض معسكر للجيش الأردني تدعى سانور بالقرب من جبع والثانية على تلة جبل إستراتيجية شاهقة الارتفاع من أراضي قرية برقة شمال نابلس وتدعى ( حومش ) .
بدأت عملية الاستيلاء على الأراضي التي أقيمت عليها مستوطنة حومش في نهاية السبعينات من القرن الماضي أما عملية البناء فبدأت في أوائل الثمانينات ، لقد صادر الجيش الإسرائيلي أكثر من ألف دونم من أراضي المواطنين العرب من برقة وسيلة الظهر والفندوقومية والتي هي مسجلة بأسمائهم بدائرة الأراضي ( طابو ) وكل مالك فلسطيني يملك أوراق رسمية تثبت ملكيته لأرضه ، وأضيف إلى ذلك تعطيل ورهن مصير أكثر من ألفي دونم مجاوره لأرض المستوطنة حظر على المواطنين الفلسطينيين استصلاحها وزراعتها وحتى الوصول إليها بإعلانها مناطق عسكرية مغلقة بل أن أشجار الزيتون واللوزيات التي كانت مزروعة قبل إغلاقها ماتت وتحولت إلى أراضي بور تندلع فيها النيران لأي سبب مقصود كان أم عرضيا ...
وكعادة أي مستوطنة أقيمت بالقرب من القرى والتجمعات السكانية الفلسطينية وعلى أراضيها فإنها تحول حياتهم إلى غم وهم وقلق دائم أنها أشبه بالمرض المزمن يتعايش معه المريض مرغما وكارها ويحرمه من لذة الحياة والاستمتاع بها أو يعطل وظائف حيوية في جسمه كالنظر والسمع أو فشل الكلى .. وبدون مبالغة يمكن وصف الاستيطان في الأرض الفلسطينية بالمرض العضال والمزمن الذي انتشر في الجسد الفلسطيني وهذه حقيقة لا جدال فيها ، فالطريق الواصلة إلى تلك المستوطنة تتحول إلى ثكنة عسكرية متحركة من اجل توفير الحماية لفلول المغتصبين الغرباء من المستوطنين .
منذ ثلاثين عاما مازال سكان قرية برقة يعانون من حالات الاجتياح العسكري لقريتهم وفرض حظر التجول لأيام وحتى جمع السكان في ساحة القرية لأيام طويلة ومنع المواطنين من السفر انتقاما لإلقاء الحجارة من الشباب والطلبة على المستوطنين ناهيك عن الشهداء والجرحى الذين سقطوا بسلاح جيش الاحتلال دفاعا وحماية للمستوطنين ، مئات الشباب اعتقلوا لأيام وسنوات طويلة وما زالوا يقبعون في السجون الإسرائيلية بحجة اقتحام المستوطنة أو إطلاق النار على المستوطنين بل وحتى لمجرد التفكير بمقاومة الاستيطان وقطعانه ...
نعم لقد كانت فرحة سكان المنطقة غامره لا توصف وهم يشهدون تفكيك مستوطنة حومش وإخلاء سكانها وكيف اندفع المواطنين أصحاب الأرض من قرية برقة والقرى المجاورة إلى داخلها للوقوف بأرجلهم على أرضهم لأول مره منذ ثلاثين عاما بل أن معظم السكان من الشباب لم تطأ أقدامهم أرضهم من قبل لأنهم ولدوا بعد مصادرتها وإقامة المستوطنة عليها ...
ولكن يا فرحة ما تمت كما يقول المثل الفلسطيني العامي فما هي الا أيام قليلة وإذ بجيش الاحتلال يعيد السيطرة على الجبل ويعلنه منطقة عسكرية مغلقة على السكان الفلسطينيين ويعلن أن الإخلاء إخلاء للمدنين فقط بينما ارض المستوطنة ستبقى منطقة عسكرية تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي.
المستوطنين الصهاينة مجموعات متطرفة تتنافس فيما بينها على بعضها بالتطرف والكراهية للعرب وهي مدعومة دعما لا رياء فيه من الحكومة والجيش الإسرائيليين وزد على ذلك أنهم مجموعات منظمة يحملون السلاح ويملكون الأموال ، أنهم دولة داخل دولة ، أنهم مجموعات ضغط هائلة وهاهم يعيدون ترتيب أنفسهم للعودة إلى قمة الجبل ليغتصبوه مره أخرى .
خلال الثلاث سنوات الماضية نظموا أكثر من عشر زيارات واعتصامات على قمة الجبل حاشدين المئات من غلاه المستوطنين المتطرفين يبكون ويتباكون على الماضي وكل ذلك تحت حماية الجيش مسلحين بقرارات من المحكمة الإسرائيلية العليا ؟؟!
ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد أقام المستوطنون خياما ونقاطا دائمة تتواجد فيها مجموعة صغيره منهم يأتي لزيارتهم العشرات يوميا لدعمهم ومؤازرتهم ومباركة خطواتهم الجهنمية تلك ، وبحجة منع الاحتكاك بين الجانبين الفلسطينيين والمستوطنين يقوم الجيش بمنع المواطنين الفلسطينيين من الاقتراب من أراضيهم والأراضي المجاورة بدل إخلاء تلك الزمرة المعتدية من المستوطنين .
أما نحن الفلسطينيين فسلطتنا الوطنية تتصرف وكأنها لا حول ولا قوة لها وعاجزة عن اتخاذ أية خطوه عملية مقابل خطوات وتحركات المستوطنين المشبوهة . وهي حتى لم تطرح مثل هذه القضية خلال عشرات اللقاءات التفاوضية ولا حتى قامت بتقديم ولو مجرد احتجاج خجول ، أما أصحاب الأراضي فيبدوا أن إرهاب المستوطنين واعتداءاتهم الإجرامية قد أثرت إلى حد كبير على معنوياتهم وإصابتهم بدرجة من الإحباط مما قلل من استعدادهم للوصول إلى أراضيهم وإعادة فلاحتها الأمر الذي يفترض بالحركة الشعبية وبالقوى الوطنية بذل المزيد من الجهد لرفع الروح المعنوية للجماهير وتعبئتها وتنفيذ برنامج نضالي كفاحي يعيد للجماهير ثقتها بقدراتها ويفتح أمامها أفقا سياسيا واضحا.
أن حماية الأرض ( المحررة ) تحتاج إلى خطوات سياسية وقانونية ومالية ملموسة.. وتحتاج إلى مشاريع استصلاح وشق طرق وهذا ما قامت به بعض الجمعيات الزراعية ( كالإغاثة الزراعية الفلسطينية ووزارة الزراعة الفلسطينية ) .. رغم أن المستوطنين خربوا جزء كبيرا ما عمرته هذه الجمعيات.
كما وان هناك حاجة ماسة إلى خطة إعلامية تفضح خديعة الانسحاب وإخلاء المستوطنين.. ولإظهار النوايا الحقيقية للمستوطنين في العودة إلى الأرض والسيطرة عليها من جديد وإبقاء حالة الرعب والخوف مسيطرة على المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض الشرعيين..

*** عضو اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في محافظة نابلس
برقة – 30/10/2008

No comments:

Post a Comment