Subscribe to updates

Saturday, November 1, 2008

طار القرار يا فياض

طار القرار يا فياض
بقلم : خالد منصور

كان الغضب باديا على وجه أبو جميل رئيس جمعية مزارعي محافظة طولكرم، والتوتر يسيطرا عليه لدرجة انه لم يشأ الاستماع إلى أي شيء أقوله.. يتحدث بصوت عال وبنبرة حادة.. وخلته يكاد ينفجر بوجهي متهما إياي بإهمال قضية مربي المواشي الذين خرجت معهم قبل سبعة شهور في تظاهرة أمام مقر رئاسة الوزراء في رام الله لنطالب الحكومة بتقديم دعم ملموس لهم من خلال استرجاع ضريبة القيمة المضافة البالغة 14.5%.. أجبته: أنا يا أخي لست إلا واحدا من أبناء هذا الشعب-- لست وزيرا ولا مسئولا حكوميا-- آمنت بعدالة مطالبكم وخرجت معكم للضغط على صانعي القرار في الحكومة كي يتحركوا لدعمكم، واعتقد أننا سويا نجحنا بإيصال أصواتنا إلى آذانهم، مما جعل الحكومة تتخذ يوم 31/3/2008 قرارا يعطي مربي الثروة الحيوانية الحق باسترداد الضريبة، وكان ذلك نجاحا مؤزرا لأسلوب الضغط والمناصرة الذي اتبعناه في الوصول إلى الحقوق.
هدأ أبو جميل بعد ثورة الغضب، واعتذر لي موضحا أن غضبه يأتي من شعوره وجموع المزارعين بالإحباط، وبان الحكومة تراوغ في عملية التنفيذ، وأضاف: انه من غير المعقول أن يبقى القرار حبرا على ورق طيلة ستة شهور وان تجيبنا دوائر الضريبة كلما راجعناها بان التعليمات لم تصل إليهم من المركز بعد.. فمازحته قائلا: يبدو أن القرار قد طار وتاه في الطريق قبل أن يصل إليكم في طولكرم والى أي من المحافظات الأخرى.. أو انه مختطف أو محجوزا على احد الحواجز الإسرائيلية.
لم يكن أبو جميل إلا واحدا من المزارعين الذين طال انتظارهم تنفيذ الحكومة لقرارها، ذلك القرار الذي سيعزز حتما في حال تنفيذه من صمود هذه الفئة من المنتجين، التي تواجه منذ سنوات أزمات تتفاقم يوما بعد يوم، والمستغرب حقا أن الدكتور سلام فياض الذي يتميز بالجدية والمثابرة والمستعد دوما للتجاوب مع كل المبادرات العملية.. المستغرب انه لم يتابع تنفيذ قرار حكومته المتعلق بمربي الثروة الحيوانية.. فان كان يدري بالتأخير ولم يوضح للمزارعين فتلك مصيبة-- وان كان لا يدري لغاية الآن بان القرار موقوف فتلك مصيبة اكبر.
لقد أبدت حكومة الدكتور فياض تجاوبا في أحيان كثيرة مع مطالب المزارعين وسكان مناطق الجدار وأقرت تنفيذ العديد من المشاريع-- ونفذت بالفعل جزء مما وعدت به-- لكن ما لم تفعله هذه الحكومة، أو المطلوب منها أن تفعله، أكثر بكثير مما فعلته.. فهي وقد وفرت الأمن والأمان الداخليين للمواطن الفلسطيني-- ما زالت عاجزة عن توفير الأمن للمواطن وحمايته من جرائم المحتلين.. وهي وان كانت تمارس الشفافية في عملها-- إلا إنها لم تحارب الفساد كما ينبغي، وأبقت كل ملفات الفساد مغلقة.. كما أنها وان كانت قد حلت مشكلة رواتب العاملين في القطاع الحكومي-- إلا أنها لم تحل مشكلة البطالة، ولم تعالج قضايا الفقر والغلاء التي جعلت أكثر من نصف المجتمع يعيشون تحت خط الفقر.. وكذلك لم تستطع إحداث التطور المأمول الذي ينتظره الشعب في أهم قطاعين حكوميين ( الصحة والتعليم ).. هذا بالإضافة إلى أن اتجاهها لخصخصة المزيد من القطاعات الحكومية، يلحق الضرر على المدى المتوسط والبعيد بمصالح الفئات الوسطى والفقيرة من الشعب، ويعزز من هيمنة حفنة من الرأسماليين على مختلف نواحي الحياة في بلادنا..

مخيم الفارعة
8/10/2008

No comments:

Post a Comment