Subscribe to updates

Sunday, November 9, 2008

ليلة سهرنا فيها أمام التلفزيون

ليلة سهرنا فيها أمام التلفزيون!
سليم عزوز

لا ناقة لي ولا جمل في الانتخابات الأمريكية، ومع هذا فقد رابطت أمام جهاز التلفزيون متجولا بين الفضائيات الإخبارية، حتى الصباح، إلى أن تم إعلان النتيجة بفوز باراك اوباما!.
العرب كانوا يقفون على أطراف أصابعهم في انتظار فوز المرشح الديمقراطي، كأنه من بقية أهلنا، وكأنه طارق بن زياد يخوض الانتخابات الأمريكية، ولم اسعد بفوزه إلا من جانب واحد، وهو أن أهل الحكم في مصر راهنوا على ماكين، وانحازوا له، فحتى اللحظات الأخيرة، كانوا يتعاملون على أن الانتخابات، كالبطن، (قلابة)، وان صاحبهم سيحقق المعجزة ويفوز!.
جماعتنا في مصر (استهيفوا) أوباما، والذي من الواضح انه لن يكون مشغولا بهم، فلن يطالبهم بالإصلاح، أما ماكين فسوف يسير على خطى بوش، وسيكون أكثر تشددا، وأكثر ابتزازا في هذا الجانب، وربما لهذا فقد تمنيت ان ينجح ماكين، ولسبب آخر، وهو لأنه بتطرفه وحماقته سوف يقود الولايات المتحدة الأمريكية للهاوية!.
عن نفسي فقد كانت لدي رغبة في فوز هيلاري كلينتون، حتى استمتع برؤية زوجها الرئيس السابق وهو يقوم بدور 'الأستاذ زوج الست'، لكن الديمقراطيين فضلوا عليها باراك اوباما، الذي اظهر بشبابه وحماسه، شيخوخة منافسه وضعفه، والذي رد على هذا باصطحابه والدته في بعض مؤتمراته، فواضح انه من عائلة معمرة، لدرجة أنها لا تزال على قيد الحياة، وبصحة جيدة.. لدينا العينة في مصر!.
جلست أمام التلفزيون متجولا، انطلق من 'الجزيرة'، إلى 'العربية'، ومنها إلى 'الحرة'، فالـ 'بي بي سي'، ثم أعود إلى 'الجزيرة'، وهكذا دواليك، لم اذهب إلى قناة 'مصر الإخبارية'، على الرغم من ان لها مراسلا في واشنطن لا يقل كفاءة عن غيره في القنوات الإخبارية الاخرى، هو محمد السطوحي، تماما كما كان لها مراسل في لندن على مستوى عال من الكفاءة هو محمد حسن الشرقاوي، وقد عاد إلى القاهرة، حيث مدافن العائلة في وكالة أنباء الشرق الأوسط. وقد كنت أظن انه معين في اتحاد الإذاعة والتلفزيون فاكتشفت انه صحافي في الوكالة، التي بها كفاءات مهنية معتبرة لا يعرفها احد!.
تلفزيون الـ 'بي بي سي' الناطق بلغة الضاد يختتم إرساله في منتصف ليل القاهرة، لكنهم مددوا إرساله في هذا اليوم. كان المشاهد العربي مهتما بالانتخابات الأمريكية هذه المرة، فتنافست هذه الفضائيات في تقديم خدمة أجود. احد الزملاء قال لي ان فضائية نجيب ساويرس 'او تي في' قدمت خدمة جيدة في هذا السباق واندهشت.. سبحانه وتعالى يضع سره في اضعف خلقه!. أسوأ شيء في هذه الليلة الليلاء هم الأشاوس من أهل التحليل من العرب الذين يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يحرص الواحد منهم على تقديم نفسه على انه يعرف الأمريكان جيدا، ويعرف أمريكا التي لا نعرفها، كل من سافر إلى هناك أسبوعا يتحدث عن خبايا السياسة الأمريكية التي اكتشفها بمفرده، والتي فك رموزها بشطارته، كأنه فك لغز حجر رشيد!.
(لت القوم وفتوا)، وأبدوا اندهاشهم لان الجماهير في العالم العربي تترقب على 'جمر النار' فوز اوباما، مع أنهم ومن خلال معايشتهم فان الرئيس أي رئيس للولايات المتحدة الأمريكية لا حول له ولا قوة، فالإدارة هي التي تسير الأمور، والمعنى ان الرئيس الأمريكي ليس أكثر من ترس في آلة، وانه مسير لا مخير!.

أصحاب القول الفصل

القوم أتوا بالذئب من ذيله، ومع احترامنا البالغ لكونهم يعيشون هناك، فالأمر ليس على هذا النحو، ولا أظن مثلا لو أن بوش الأب، او كلينتون، هو الذي يحكم خلال السنوات الثماني الماضية، كان اتخذ قراره بغزو العراق، وهو القرار الذي يحتاج إلى رئيس مجنون ليقوم به، مع بالغ تقديرنا للإدارة الأمريكية، ولاكتشافات جماعتنا غير المسبوقة!.
هؤلاء يتعاملون معنا على أنهم أصحاب القول الفصل في الشأن الأمريكي، ويتعاملون مع الأمريكان على أنهم أصحاب القول الفصل في الشأن العربي، ولنا ان نعلم أنهم هم من زين لبوش سوء عمله حتى رآه حسنا، فقد اخبروه ان الشعب العراقي سيخرج للقوات الأمريكية بالأحضان، في حال الغزو، لأنهم يعرفون 'نفسية' المواطن هناك، وكانت النتيجة أن سقط الامريكان في المستنقع!.
'الجزيرة' أرسلت إلى واشنطن الجميلة إيمان عياد، والسعودي على الظفيري، وكانا في حالة ابتهاج بالغ، نتج عنه ارتباك ملحوظ، استمر طوال الساعة الأولى، وكان معهم في الأستوديو مدير مكتب الجزيرة هناك عبد الرحيم فقراء، والذي كان مرتبكا بدوره، وكان مشغولا بشيء ما على الذراع الايسر للـ(جاكيت)!.
وكان هذا الحشد الثلاثي يقوم بحوار شخص واحد، يتغير بشخص آخر خلال الفاصل، وقد استضاف ثلاثتهم من تم تقديمها على أنها محامية وناشطة لحقوق الإنسان واسمها لبني حماد، والتي 'ضربت لخمة' فلم تصد ولم ترد، ولم تقل شيئا من الأساس!.
لعلها (العربية) التي استضافت الدكتور عبد المنعم سعيد، والذي قدم تحليلا موضوعيا، ولم يدع فيه ان كلامه هو كلام استراتيجي عميق، توصل اليه بعد معاشرة للجان.. يظل عبد المنعم سعيد موضوعيا إلى ان يتذكر انه عضو في لجنة السياسات في الحزب الحاكم، والتي يترأسها نجل الرئيس المصري، فتتركه الموضوعية وتنصرف!.
ولقد راعني يا قراء، ان 'الجزيرة' منذ اللحظة الأولى لنجاح باراك اوباما، قد بدأت التنويه عن حوار مع الأستاذ محمد حسنين هيكل، يقدم فيه رؤيته الاستراتيجية العميقة حول أسباب نجاحه، وما سيفعله في المستقبل!.
أكتب هذه السطور صباح الخميس، أي قبل إذاعة المقابلة، والتي من الواضح انه سيجريها معه محمد كريشان، وان كنت أتمنى ان يقتصر حديثه على اللحظة الراهنة، ولا يتجاوزها، لانه ان تجاوزها سيقول كما هي العادة كلاما مثيرا، لا يعنيه اذا لم يصدق، فهو تهمه اللحظة، أما بعدها فذاكرة الناس ضعيفة.. كل العرب مصابون بالزهايمر!.
منذ ثلاث سنوات قال في مقابلة مع 'الجزيرة' ان المسرح في مصر يستعد لاستقبال جمال مبارك رئيسا خلال ستة شهور، وان لديه معلومات حصل عليه من مصادره المرابطة داخل القصر الجمهوري بأن القرار أتخذ.. وانتظرنا ولم يحدث ما صرح به!.
وقبل عدة شهور قال ان الولايات المتحدة الأمريكية ليست مستعدة لانتخاب امرأة او اسود رئيسا، وثبت أنها مستعدة بدليل نجاح باراك اوباما!.
ما علينا، فالناس في بلدي والبلدان المجاورة سعيدة بنجاح اوباما، أما أنا فمشغول بمستقبل كوندوليزا رايس التي خرجت من عالم المجد والشهرة بدون 'عيل او تيل'، فقد دخلت عانسا، وخرجت عانسا، ولله الأمر من قبل ومن بعد
azouz1966@gmail.com
القدس العربي

No comments:

Post a Comment