Subscribe to updates

Tuesday, July 14, 2009

الغريب ليس صمت الحكومات العربية على حصار غزة وإنما صمت الشعوب


مع اشتداد الحصار الخانق على قطاع غزة تكشفت عدة أوراق منها ورقة الطرف الفلسطيني الذي يخدم الحصار أطروحته بحيث يهيئ المناخ لانتخابات رئاسية وتشريعية محسومة لفائدة ما يسمى بمسلسل السلام وخرائط طرقه ، وورقة الأنظمة العربية التي تلتزم الصمت حيال الحصار لأنها مع خيار ما يسمى بمسلسل السلام. ولا يستغرب من الحكومات العربية أن تسكت على حصار غزة ، وإنما الغريب هو الصمت الرهيب الذي يسيطر على الأمة العربية التي كانت دائما تهب عن بكرة أبيها لمناصرة القضية الفلسطينية في اللحظات العصيبة ، وهذه أخطر ورقة تنكشف ، وتكشف عن خضوع الأمة واستسلامها للهزيمة ، وهي التي ظلت لعقود تؤمن بالمقاومة ، وبحتمية استرجاع الحقوق السليبة .


كان من المفروض أن يتحرك الشارع العربي كعادته للضغط على الحكومات التي لا إرادة لها أمام السياسة الأمريكية المؤيدة التأييد اللامشروط للكيان الصهيوني الغاصب، وهو تحرك يحرج هذه الحكومات التي باتت تؤيد فصيلا فلسطينيا على حساب فصيل آخر. فالحكومات العربية تريد نفض يدها من القضية الفلسطينية من خلال إضفاء المشروعية على الطرف الذي تفضله إسرائيل وأمريكا كشريك في ما يسمى مفاوضات السلام أو بالأحرى الطرف المستعد للاستسلام على حساب الطرف المتشبثة بالحقوق الكاملة غير المنقوصة. ل

لقد أراد العدو الصهيوني اختزال القضية الفلسطينية في شكل قضية بطون حيث يفضي الحصار الخانق إلى قطع الصلة مع الكرامة من أجل لقمة العيش. والعدو يجعل لقمة العيش بالنسبة للمحاصرين متوفر لدى الطرف المستعد للاستسلام من أجل ترجيح كفته على الطرف المتمسك بالمقاومة. إن حتمية التاريخ هي أن تحتضن الشعوب المقاومة وتقف إلى جانبها في الساعات الحرجة ولكن ما يحدث اليوم هو انصراف هذه الشعوب عن القضية المصيرية الأولى مجاراة للمواقف الرسمية المنبطحة التي ما فتئت تردد الأطروحات الأمريكية والصهيونية بعد تقديمها في أشكال تموه على مصدرها الحقيقي مما أثر على حس الشعوب وصيره متبلدا حتى صار الحصار لا يعني شيئا عند هذه الشعوب.


لقد صارت الشعوب في الوطن العربي مشغولة بلوم الفلسطينيين خصوصا الصامدين لأن إخوانهم المستسلمين يوحون لها بذلك من خلال التصريحات التي تؤكد التواطؤ المكشوف مع العدو من أجل وضع حد لفكرة التشبث بالحق والمقاومة من أجله. لقد قبلت حركة حماس من قبل لعبة الانتخابات وفازت وحازت الشرعية ولكن العدو تنكر لشرعيتها وأوحى لشركائه المستسلمين بالتنكر لهذه الشرعية وتلفيق تهمة الانقلاب على السلطة لها ، وها هي السلطة من جديد تلوح بانتخابات جديدة بعدما أثبتت للشعب الفلسطيني حسب اعتقادها أن رهانه على حماس هو رهان خاسر رهان ضد الخبز والكهرباء ..... وها هو رئيس السلطة يقول مرحبا بحماس إذا نجحت في الانتخابات ـ وهو يعني أنها لن تنجح أبدا وقد أفقدها الحصار التأييد الشعبي ـ وعليها أن تقبل الخسارة ـ وهو يعني أن الخسارة قدر محتوم ـ لقد تحولت القضية الفلسطينية من قضية أرض وشعب ومقدسات إلى قضية خبز وكهرباء.... لقد سالت بحار من الدماء الطاهرة ليفاوض المستسلم على رغيف الخبز ، وعلى وميض الإنارة الكهربائية ويتخذ ذلك حملة انتخابية لفائدته. فإذا كان الشعب الفلسطيني كما عهدناه حرا أبيا فسيختار المقاومة رغم الجوع والظلام .... أما إذا تحول إلى مسخ و ـ حاشاه ـ فما أسهل الرغيف الممزوج بالذلة والهوان. وإذا كانت الشعوب العربية كما عهدناها أيضا حرة أبية فستختار مساندة المقاومة رغم مواقف حكوماتها أما إذا تحولت إلى مسخ و ـ حاشاها ـ فما أحقر حياتها وهي لا تبارح الغثائية التي حذر منها سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه.

إن استرجاع فلسطين فرض عين على الشعوب العربية قاطبة، ولا كفائية في هذا الفرض. ولن تسترد الحكومات العربية حقا ضيعته وإنما تسترده الشعوب بهبتها المباركة التي تبدأ عفوية بسيطة لتصير طوفانا أو بركانا أو إعصارا يدمر عدوا إذا صحت حساباته في الحكومات العربية فلن تصح في الشعوب أبدا.والنصر ضمنه الخالق وبشرت به النبوة وآمن به المؤمنون فلن يضيرهم من خالفهم في إيمانهم الراسخ بأن النصر يولد بعد مخاض عسير ورب ضارة نافعة وما جرت رياح قط بما تشتهي السفن ، و لجوع يتحول إلى مقاومة خير من شبع يصير استسلاما.

No comments:

Post a Comment